الأطفال وجراثيم الصيف في الأماكن العامة
تظهر بحلول فصل الصيف امراض عديدة لدى الأطفال، وبخاصة الاسهال والنزلات المعوية، الناجمة عن تلوث التغذية. ويقدر الأطباء أن ما نسبته 20-30 في المئة من الأطفال يراجعون أقسام الطوارئ في المستشفيات بسبب اصابتهم بالفيروسات أو الجراثيم.
ويحذر أطباء الاختصاص الأهالي الذين يصطحبون أطفالهم إلى الأماكن العامة والحدائق والمراكز التجارية، من انتقال عدوى الأمراض الى فلذات اكبادهم، لأنها تزخر بالفيروسات والجراثيم المعدية، ما يؤدي الى اصابتهم بها بسهولة، وخصوصاً إذا علمنا أن هذه الجراثيم تبقى حية لفترة طويلة.
ويؤكد هؤلاء الأطباء ان الوقاية ثم الوقاية هي التي تقي شرور هذه الجراثيم. كما ينصحون بالابتعاد قدر الإمكان عن تناول الأطعمة التي تباع في الأسواق أو تلك التي لا يتم حفظها بطريقة صحية، إضافة إلىالنظافة وضرورة غسل اليدين مراراً وتكراراً في النهار، للابتعاد قدر الإمكان عن الاصابة بالجراثيم التي تتنوع أنواعها، وبالتالي تتنوع أعراضها، وقد تصل أحياناً إلى مرحلة خطرة إذا لم يتم تداركها بالشكل الصحيح، وعبر استشارة طبيب مختص.
وهنا آراء اختصاصيين في صحة الأطفال حول كيفية تجنب الإصابة بهذه الجراثيم الصيفية.
الفيروسات وأماكن انتشارها
يشير اختصاصي الأطفال، الدكتور سامح علي، إلى وجود عدد من الفيروسات التي عادة ما يكون لها أعراض تختلف عن بعضها بعضاً.
وتعد هذه الفيروسات عادية كونها تنشط في فصل الصيف، وهذه الفيروسات التي يصاب بها الأطفال، والتي ترد حالياً إلى المستشفيات هي: "الأدينوفيروس"، وهذا النوع من الفيروس يؤدي إلى التهاب في العيون مع وجود حرارة والتهاب في الحلق أو قيء .
وفيروس "راث كورونا فيروس" يؤدي إلى التهاب الشعيبات الهوائية، خصوصاً عند الأطفال الصغار في السن .
أما فيروس "الروتافيروس"، فيؤدي إلى نزلات معوية.
ولكل هذه الفيروسات أعراض تكون معظمها متشابهة، كالحرارة العالية والزكام والتهاب العيون والإسهال والقيء. في حين أن هذه الفيروسات لا تكون منتشرة في الدول الباردة.
وعن مرتع هذه الفيروسات يشير الدكتور سامح إلى التجمعات التي يكثر فيها وجود الأطفال، مثل أماكن اللعب في المراكز التجارية، حيث يوجد، على سبيل المثال، ما يعرف بمنطقة الطابات، وفيها يغوص الأطفال بين آلاف الطابات الملونة.
وقد يحدث أن يكون أحدهم مصاباً، بأحد الجراثيم ويسيل لعابه مثلاً على إحدى الطابات، ويأتي طفل آخر ليمسك بالكرة نفسها فتنتقل العدوى إليه . كما تنتقل العدوى في المسابح ومن خلال تناول الخضراوات من دون غسلها جيداً .
ولذلك من الضروري جداً المحافظة على النظافة وغسل اليدين مراراً وتكراراً إضافة إلى ضرورة الابتعاد عن مناطق ألعاب الصغار الملأى بمثل هذه الجراثيم في موسم الصيف .
وحول الأعداد التي ترد إلى المستشفى بسبب هذه الإصابات، يشير الدكتور سامح علي إلى أن عددها يراوح ما بين 20 - 30 حالة يومياً منها ما يتم إعطاؤه علاجاً ويعود الى منزله، والبعض منهم يتم حجزه بسبب ارتفاع درجة الحرارة أو وجود التهابات معوية وقيء مستمر .
تأثير الإجازات والمطاعم
وتقول الدكتورة انتصار الحمادي استشارية طب كلى الأطفال: "في فصل الصيف تزداد الإصابات بطبيعة الحال لدى الأطفال أكثر من الأيام العادية، والسبب يعود إلى أن الأسرة والأطفال يكونون في إجازة، حيث تكثر النزهات إلى أماكن عامة، وبالتالي يتم حفظ الأطعمة في أوعية، والتي تتأثر بطبيعة المناخ الحار وتفقد جزءاً من صلاحيتها وتؤدي إلى الإصابة بالكثير من الحالات الإعيائية مثل القيء والإسهال، خصوصاً أن الحاويات التي يحفظ بها الطعام تكون من مادة بلاستيكية تتمدد بفعل الحرارة وتؤدي إلى نمو البكتيريا أو الجراثيم ما يؤدي إلى التسمم الغذائي".
وتضيف أن تناول الطعام في المطاعم يؤدي إلى مثل هذه الحالات خصوصاً إذا لم يكن محفوظاً بطرق صحية "ونحن لا نعرف كيف يتم حفظه أو تخزينه، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالمرض".
وتشير الدكتورة انتصار إلى أن أنواع الجراثيم كثيرة، ولكن أكثرها انتشاراً في فصل الصيف هو "الروتافيروس" الذي يصيب كل الأعمار وليس الأطفال فقط، والسبب يعود إلى أن هذا النوع من الفيروسات يبقى حياً لفترات طويلة، خصوصاً على الاسطح، وفي حال ملامسته تنتقل العدوى .
وتضيف: "نلاحظ من خلال عملنا تزايد حالات الإسهال في فصل الصيف أكثر من الأيام العادية للأسباب التي ذكرتها آنفاً، وبالتالي تشكل هذه الحالات ما نسبته 20-30 في المئة من الحالات التي تراجع أقسام الطوارئ".
وقالت: "إن العلاج يعتمد على حالة المريض والأعراض المصاحبة له، فإذا كانت الحرارة مرتفعة وظهر دم في البراز فهناك تسمم في الأكل . وفي حالة وجود أعراض أخرى مثل الإسهال ينصح بالتعويض بالسوائل وشرب المياه بكثرة، وإذا لم يستجب المريض فيجب حينها وضع مصل له لتعويض المريض عن فقده للمياه في جسمه".
وتشير الدكتورة انتصار إلى أن مثل هذه الإصابات لدى قدومها إلى أقسام الطوارئ يتم وضعها فيغرف عزل ولا يتم وضعها مع مرضى آخرين كي لا تنتقل العدوى. أما الأعمار التي تصاب بمثل هذه الأمراض فهي تبدأ في الستة أشهر وحتى الثانية عشرة .
تحور الفيروسات وصعوبة علاجها
ومن جهته يشير الدكتور ياسر النعيمي وهو استشاري أطفال، إلى أن فترة الصيف لها موسمها من الأمراض الفيروسية، التي تعد موسمية ومعروفة للجميع. ففي هذه الفترة تكثر فيها حركة البشر، بمعنى تنقلهم من مكان إلى آخر، وتزداد الرحلات والزيارات وتناول الطعام في المطاعم ما يؤدي بالضرورة إلى اختلاط الناس ببعضهم بعضاً خصوصاً في المراكز التجارية. ومن هنا تستدعي هذه الحالة اتباع الأساليب الصحية الصحيحة في المحافظة على النظافة ما يتطلب ضرورة غسل اليدين باستمرار وعدم مخالطة الأطفال المصابين وأخذ الاحتياطات خلال السفر .
ويشير الدكتور ياسر إلى أن بعض الأمراض الفيروسية ليس لها تطعيمات، ومن هنا تكمن خطورتها، وهي تصيب عادة الجهاز التنفسي والجهاز المعوي، وبعض هذه الفيروسات يتمحور، أي تتغير، وهذا يفسر عدم وجود لقاح ثابت لها سبب صعوبة تبادل الفيروس والتعرف إليه .
ومن هنا فإن أفضل علاج هو العزل قدر الإمكان للمريض وتخفيض الحرارة وتعويض السوائل بالجسم وتجنب المخالطة، وهي جميعها إجراءات احترازية تعنى بها الأم لرعاية طفلها، خصوصاً أن انتقال هذه الفيروسات يكون سريعاً من شخص إلى آخر. وبالمناسبة فهي لا تصيب الأطفال فقط بل الكبار أيضاً .
طعام المنزل أفضل
الدكتور خالد محمد عبدالرحمن، وهو ممارس عام، يقول: "إن لكل موسم طبيعة عدوى معينة من الأمراض، ففي فصل الشتاء تكثر أمراض الجهاز التنفسي، ومنها نزلات البرد والكحة، سواء أكانت الإصابة ناتجة عن فيروس أو بكتيريا .
و في فصل الصيف، ونتيجة النشاط لدى الناس من جراء العطلات وإجازات المدارس والسفر والتنقل والذهاب إلى المسابح والحدائق العامة، وبالتالي فإن تناول الأطعمة من الخارج، وليس الطعام المطبوخ في المنزل يؤدي بالضرورة الى الإصابة أو لانتقال العدوى من شخص إلى آخر، وارتفاع نسب الإصابات أكثر من المواسم الأخرى".
ويضيف: "يجب الانتباه كثيراً إلى الطعام الذي نتناوله، والابتعاد قدر الإمكان عن طعام المطاعم وتفضيل طعام المنزل كوننا نكون على علم بمكوناته وطبيعة حفظه، والمواد المستخدمة فيه.. إلخ، في حين نحن لا نعلم كيف تتم عملية حفظ الأغذية في المطاعم مهما كان مستواها".
ويشير إلى أن العلاج يتم بإعطاء مخفضات للحرارة لأن الفيروس قد لا يوجد له لقاح كما لو كان بكتيريا، لذا يجب انتظار فترة حتى ينهي دورته التي تتراوح بين أسبوع إلى عشرة أيام .
وينصح الدكتور خالد بعدم اللجوء إلى الصيدلاني لوصف أدوية، كونه ليس جهة لتشخيص المرض، وليست لديه أدوات ولا خبرة طبية، هذا إضافة إلى أنه لن يكون مسؤولاً في حال حدوث أية مشكلة .
لا تعليقات في " الأطفال وجراثيم الصيف في الأماكن العامة "