أن تؤمن بفلسطين كل فلسطين

قائمة

الجديد في رسائل ليبرمان..!





د. سفيان أبو زايدة

بقلم: د. سفيان أبو زايدة
شهدت غزة خلال الساعات الاخيرة من يوم امس وصباح اليوم قصف اسرائيلي على اهداف فلسطينية في قطاع غزة، في الغالب غير مأهولة كرد فعل على اطلاق صاروخ قيل انه اطلق من غزة امس واعلنت مسؤوليتها جماعة غير معروفة اطلقت على نفسها "احفاد الصحابة".
 
وعلى الرغم ان اسرائيل تدرك ان "حماس" والفصائل الفلسطينية الاخرى ليس لهم علاقة بالأمر وغير معنيين بالتصعيد، الا ان رسالة ليبرمان كوزير للجيش هي ان اسرائيل اصبحت جاهزة للمواجهة وسترد على اي عملية قصف بأكثر قوة حتى وان ادى ذلك الى تصعيد الوضع والدخول في مواجهة شاملة تنسجم مع التهديدات الاسرائيلية المتكررة بتغيير قواعد اللعبة هناك.
 
 ما حدث بالأمس على الارجح انه لن يتدحرج اكثر من ذلك طالما الطرف الفلسطيني المسيطر على القطاع غير معني بهذا التصعيد، و طالما لم تصدر ردة فعل من غزة على هذا القصف.
 
هذا يعني ان تصعيد ليبرمان الكلامي وتهديداته المتكررة ليست بالضرورة قابلة للترجمة الفورية على ارض الواقع. حتى الآن اسرائيل غير معنية بمواجهة و"حماس" كذلك. هذا على الرغم من الظروف العصيبة وحالة الضغط التي تعيشها غزة وأهلها نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات البطالة الى ارقام فلكيه، خاصة بين الشباب. على الرغم من ذلك، لم يحن موعد الانفجار بعد وعلى الأرجح ان يعود الهدوء الى ما كان عليه قبل يوم امس.
 
التصعيد في غزة سبقه تصعيد كلامي وتصريحات ناريه لوزير الجيش الاسرائيلي افيغدور ليبرمان والتي اثارت حفيظة السلطة الفلسطينية وقياداتها والتي عبر خلالها عن استخفافه بالسلطة وبالرئيس عباس وان اسرائيل ستتعامل مع السكان الفلسطينيين بشكل مباشر وفق سياسة "العصا والجزرة".. سياسة تعتمد على فتح خطوط مباشرة مع شخصيات فلسطينية اقتصادية واكاديمية وشرائح اخرى في المجتمع الفلسطيني.. سياسة تعتمد على معاقبة القرى والبلدات والمناطق التي تمارس العمل ضد الاحتلال و تقديم تسهيلات للمواطنين في المناطق التي تحافظ على الهدوء .
 
تصريحات اثارت حفيظة السلطة على الرغم انها لا تحمل اي جديد، و ليبرمان لم يضيف اي شيء للسياسة الاسرائيلية التي اعتمدتها منذ احتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية عام ١٩٦٧. دائما تعاملت اسرائيل بسياسة "العصا والجزرة"، ودائما تواصلت مع المواطنين الفلسطينيين قبل اوسلو واستمرت كذلك بعد اوسلو وتواصلت بعد انشاء السلطة الفلسطينية. مكاتب "الادارة المدنية" لم تغلق، في مراحل معينة كان هناك مراعاة للسلطة ومؤسساتها وفي مراحل اخرى كان هناك تجاهل كامل لها.
 
على سبيل المثال، ما يعرف بـ"منسق شؤون المناطق" في الحكومة الاسرائيلية الجنرال يؤاف مردخاي انشأ منذ أشهر صفحة على الفيس بوك وصل عدد متابعيها الى ما يقارب الخمسين ألف شخص غالبيتهم العظمى من الضفة وغزة، يدير هذه الصفحة طاقم من موظفي مكتبه ويعملون على التواصل مع المواطنين مباشرة قبل ان يصبح ليبرمان وزيرا للجيش.
 
حتى خلال الشهور الاخيرة التي ارتفعت فيها وتيرة الاحداث تعاملت اسرائيل بنفس سياسة "العصا والجزرة".  تعاملت بقسوة مع بعض المناطق والقرى كما حدث مع يطا والسموع وصادرت تصاريح العمل من عائلات الشهداء وفي نفس الوقت زادت من تصاريح العمال في مناطق اخرى ولم تغلق المناطق وتمنع دخول العمال حتى في ذروة الاحداث.
 
الجديد في تصريحات ليبرمان الاستفزازية هو ما تحمله من استخفاف للسلطة ومؤسساتها، ما تحمله من استخفاف للرئيس عباس شخصيا واستخفاف بالحالة الفلسطينية بشكل عام.
 
ليبرمان يريد ان يقول ان السلطة من الناحية العملية غير موجودة على ارض الواقع وان الجيش الاسرائيلي ومكاتب "الادارة المدنية" المتواجدين في كل مدن ومحافظات الضفة هم الذين يديرون الامور بشكل فعلي  هناك، وان السلطة في أحسن الأحوال هي عبارة عن مجلس بلدي كبير يمارس فتات الصلاحيات بما يتفضل عليه الاحتلال.
 
ليبرمان يدرك ان الشعب الفلسطيني يتمتع بوعي كامل وحصانه وطنية و لن يجد من يتجاوب معه للتآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته. لم تنجح اسرائيل في السابق ولن تنجح في المستقبل.
 
مع ذلك ليبرمان يريد ان يقول بطريقته الاستفزازية ان قيادة السلطة في واد والشعب الفلسطيني في واد آخر. وفي سياق هجومه المتواصل على الرئيس عباس وقيادة السلطة يقول ان رئيس السلطة ليس له سيطرة على غزة ولم يدخلها منذ عشر سنوات، بل هو لم يدخل جنين منذ توليه السلطة ولا يتجول في محافظات الوطن، رئيس سلطة لم يزور يوما ليس جنين، بل لم يزر مخيم الامعري الذي يبعد مئات الامتار عن المقاطعة، لم يفكر يوما في زيارة مخيم  الجلزون الذي يبعد مئات الامتار عن منزله ولم يمر مجرد مرور عن مخيم قلنديا الذي يقع على الطريق الرئيسي بين القدس ورام الله.
 
ليبرمان يطلع بشكل يومي بحكم موقعه كوزيرا للجيش على تقارير استخبارات الجيش وتقارير "الشاباك"، التي تقول له ان القيادات الفلسطينية مشغولة في بعضها البعض، واحيانا كثيرة في صغائر الأمور، وان الفصائل الفلسطينية تهاجم بعضها اكثر من مهاجمتها للاحتلال، وان الشعب الفلسطيني يعاني الانقسام وان المؤسسات الفلسطينية مشلولة.
 
التقارير التي تصل ليبرمان تقول له ان كل الشرعيات الفلسطينية قد تآكلت صلاحياتها منذ زمن وان منظمة التحرير التي كانت الخيمة التي يستظل بها كل الفلسطينيين قد شاخت وان حركة "فتح" التي تشكل عامود الخيمة للمنظمة والسلطة والمشروع الوطني اقل ما يقال انها ليست بخير وهناك عملية تقزيم لدورها ومكانتها.
 
خلاصة القول، ليبرمان لم يأتي بأي جديد، وتصريحاته ليست هي الخطر الحقيقي على الفلسطينيين ومستقبلهم، فهي لم تحمل أي جديد. الخطر الحقيقي على المشروع الوطني والسلم الأهلي هو استمرار الانقسام الفلسطيني، الخطر الحقيقي في استمرار الفصل بين غزة والضفة، الخطر الحقيقي والمؤامرة الحقيقية في تعطيل استنهاض المنظمة وإصلاحها، الخطر الحقيقي في عدم استنهاض حركة "فتح" والعمل على تفتيتها وإضعافها و تهميش دورها، المؤامرة الحقيقية في تعطيل المجلس التشريعي وعدم اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. الخطر الحقيقي في تركيز السلطات والهيمنة عليها واستخدام القانون ليس لحماية الوطن والمواطن بل عصا ضد الخصوم والمعارضين.
 
هذا هو الخطر الحقيقي الذي يهدد المشروع الوطني الفلسطيني ويضعف المناعة ويقوض صمود الفلسطينيين على ارضهم وليس تصريحات ليبرمان التي لا تحمل أي جديد.

شارك :

التسميات:

عن الكاتب أنا فلسطيني

أنا فلسطيني ، يعني أنا سوري وعراقي ومصري وخليجي ومغربي وتونسي وصومالي ، ييعني أنا ماليزي وايراني وافغاني وباكستاني يعني أنا من الجزائر ومن ليبيا ومن السودان وأردني ، أنا فلسطيني يعني كل مين بيعرف انو فلسطين لازم تتحرر على ايد الكل ،

لا تعليقات في " الجديد في رسائل ليبرمان..! "

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM