شعبك جذع سنديان وعدوّك هشيم…
أتساءل دومًا عن جدوى الإقصاء، في جميع مناحي الحياة، وخاصة في السياسة. الإقصاء يجعل الأقوى مرحليًا منقوصًا، وكذا المحصلة الجمعيّة، وبالتالي فالكل خاسر.فما الجدوى من التحدث عن المساواة إن تم إقصاء بعض المُمَيّز ضدهم عن المشاركة في خوض معركتهم؟! وهي إشكالية مزدوجة: فمن جهة كيف يحق لمن يُقصي مُسْتَضعَفًا عن المطالبة بحقه في المساواة حين يمارس هو بذاته أساليب سالِب مساواته؟! هذا من جهة، ومن جهة أخرى نسأل، كيف يمكن للمُطالِب بالمساواة أن ينتصر في معركته الصادقة ضد ظالم قامع إذا لم يستقطب كافة القوى التي لها مصلحة في رد الظلم ومقاومته؟!ألم نحارب حكومة منقوصة لأنها تستثنينا كأقلية من "ديمقراطيتها" عن سبق إصرار وترصد؟ فنحن من لم نربَ في عز الحكومة ودلالها، بل تحت سياط قمعها، أفليس من الطبيعي أن نصبح أكثر ديمقراطية داخليًا في تعاملنا بين بعضنا البعض، أليس يفترض أن تكون هذه صيرورة حتميّة وفقًا لمنطق التضافر؟ الواقع المعاش يعاند هذا التوقع البديهي بل ويعاكسه! حيث ثقافة الإقصاء وعقلية الاستثناء ما زالت سيدة الموقف بين القوى والأطر السياسية الوطنية، فكيف لا نصبح آباء سيئين لقضيتنا المركزية إن لم نتدارك المعضلة؟إن تيّار العنصرية الجارف الذي يسحق أبسط آمالنا بمستقبل كريم، قد تضخّم وتغوّل حتى بات عاريًا لا يميّز الحدود، ولا يحترم المواثيق ولا يقيم وزنًا لمعاهدات خدمت مشروعه وشرعنت احتلاله، وهو يأخذ في طريقه كل وميض بارق أو خافت في أفق الحل السياسي على أرض فلسطين التاريخيّة. الأنكى، أن الاستثناءات في هذا المشهد (ولا تسمى بغير هذا الاسم) هي قوانين وضعتها الصهيونية ونحن لعبنا وفقها.حينما نشر سلاح الجرائم في مجتمعنا، وأمعن في قمعنا وقوض ركائز الضبط لقيمنا، واستسهل هدم بيوتنا واستباح محرمات عيشنا… فقد كان يضع القوانين ضمن معادلات التفكيك، ويرسم حدود الحلبة التي يريدها هو ثم يقول، على هذا المربّع أديروا معركتكم، ونحن، عن وعي أحيانًا ودون وعي أحايين أخرى، قبلنا بالهامش المرسوم، وأهملنا المعادلة السياسيّة الكبرى التي تقتضي أقصى درجات اللحمة والتكاتف والتنسيق بين جميع الأطر الفاعلة وطنيًا، فصرنا بالكاد نعالج مشتقة العمل السياسي اليومي!وها هو الآن يستمر بهندسة لعبته القذرة عندما يحاول فرض سلطته القانونية والعسكرية على المستوطنات، تلك المتوغلة في جسوم الفلسطينيين والجاثمة على قلوبهم، ويحاول ضمّها تحت سلطة الحكومة الاسرائيليّة دون الفلسطينيين في حدود 67، في محاولة استباقية لإيهام العالم، فيقول إنه يحتضن الجميع دون الجميع، ها هو يغيّر حدود الأبارتهايد، أما الحقيقة فهي أن رصاص الاحتلال سيصبح أقرب إلى صدور الفلسطينيين.والعالم، هذا العالم أصبح عاجزًا عن البحث والإدراك، والقضية الفلسطينيّة أصبحت بمثابة موسيقى تصويرية في خلفية المشهد العام، يتوجب أن تبقى مستقرة، ريثما تنتهي الحروب كلها ويلتقي الحبيبان. نحن من لا نلتقي بشعبنا أبدًا سوى على الشاشات أو في حوانيت الباعة، مهمتنا الإبقاء على علاقتنا الغريبة تلك، كي لا يضطرب الاستعماريون ولا تتوتر مصالحهم، وإلا فإن هذا الحقل السياسي الخصب لن يولّد سوى مزيدًا من المتاعب لقضيتنا التي تباع وتُجتر على الملأ كلما زادت أسهم المتنازعين. هذا الاستقرار هو ملاذ الرومانسيين الذين ما زالوا يحاورون اليسار الإسرائيلي المتهالك واعتباره جزءًا من الحل لا المشكلة، ولم يصدموا بعد بنهايتهم التعيسة، حينما أرسلت حكومات يسارية قطعان من الصهاينة ليبنوا مستوطناتهم على جثث الفلسطينيين في القدس والخليل والجولان، كأن التكرار يعلّم أي شيء عدا هؤلاء، وهم ما زالوا يحاورونهم بنفس النبرة ونفس الصوت رغم الضجيج الذي يحدثه تثاقل العنصرية وتزاحم الموت، في حين لا يجد شعبنا من يسمعه أو يأخذ برأيه.هؤلاء النافرون عن لُب القضية أقسى عليها من أعدائها الحقيقيين! فكيف يعقل أن يفنّد علماء آثار إسرائيليون ويهود الصلة بين جغرافية التوراة وأرض فلسطين، وينبري بعضنا ليتحدث عن الصلة التاريخية لليهود بهذه البلاد!؟عندما يصبح الاستسلام لثقافة العدو وروايته وجهة نظر، فهي بذلك تقترب لتبدو كـ”الخيانة عن غير قصد”، بل وأكثر... حيث النتيجة الفعلية واحدة!
وهؤلاء المستسلمون هم جزء هام ومركزي من تشتيت أواصر الرؤيا السياسية المشتركة لكل من يشتد عليه تسلّط الاحتلال.البطولة والشرف إذًا هو أن تؤمن أنك قادر على حماية شعبك من الظلم، كل شعبك وكل الظلم، حتى وإن كان شعبك لاجئًا في خيام القامعين، وكان بين الظالمين قيادة متنفذة في قلب رام الله.الإصرار والانتماء هو أن تقود مصالحة وطنيّة، أن تبادر وتسعى لأجلها، لا أن تنتظر من يطلب مباركتك لها، فبعد 68 عامًا لم تعد صغيرًا على ذلك، هذا أقل ما يستحقه شعبك منك. القوة أن تكرّر ما تريد غير آبه بما يريده الغير. على عدوّك أن يعرف ما تريد فيناقشه مرغمًا، وعلى صديقك أن يعرف ما تريد فيساندك، وعلى شعبك أن يعرف ما تريد ليدرك أنه ليس يتيمًا.الاعتراف هو أن تتوقف عن المطالبة بالمساواة ورفع الظلم، وحق تقرير المصير والعدالة ورفع الحصار ووقف الموت وتيسير لقمة العيش، طالما تتحفظ عن الحديث عن الحدود التي تفصل بينكم. الصيغة السياسية الوحيدة التي لا تقابل العدالة لجزء من شعبك مقابل ظلم جزء آخر، هو أن تتحدث عن دولة واحدة ومصير واحد لشعب سيكون أقوى في مواجهة الكون المتآمر على سعادته واستقراره منذ الأزل.
الصدق هو أن تتحدث بكل اللغات عن معاناة شعبك ومطالبه، وتتحدّث أكثر بلغة عدوّك عن حق العودة الذي لا تملك أن تساوم عليه، وألّا تقارن نفسك به فأنت متفوقٌ عليه بالحقّ التاريخي.لا تلجأ للحق لأنه بديل، فليكن الحقّ خيارك الأول.
أتساءل دومًا عن جدوى الإقصاء، في جميع مناحي الحياة، وخاصة في السياسة. الإقصاء يجعل الأقوى مرحليًا منقوصًا، وكذا المحصلة الجمعيّة، وبالتالي فالكل خاسر.
فما الجدوى من التحدث عن المساواة إن تم إقصاء بعض المُمَيّز ضدهم عن المشاركة في خوض معركتهم؟! وهي إشكالية مزدوجة: فمن جهة كيف يحق لمن يُقصي مُسْتَضعَفًا عن المطالبة بحقه في المساواة حين يمارس هو بذاته أساليب سالِب مساواته؟! هذا من جهة، ومن جهة أخرى نسأل، كيف يمكن للمُطالِب بالمساواة أن ينتصر في معركته الصادقة ضد ظالم قامع إذا لم يستقطب كافة القوى التي لها مصلحة في رد الظلم ومقاومته؟!
ألم نحارب حكومة منقوصة لأنها تستثنينا كأقلية من "ديمقراطيتها" عن سبق إصرار وترصد؟ فنحن من لم نربَ في عز الحكومة ودلالها، بل تحت سياط قمعها، أفليس من الطبيعي أن نصبح أكثر ديمقراطية داخليًا في تعاملنا بين بعضنا البعض، أليس يفترض أن تكون هذه صيرورة حتميّة وفقًا لمنطق التضافر؟ الواقع المعاش يعاند هذا التوقع البديهي بل ويعاكسه! حيث ثقافة الإقصاء وعقلية الاستثناء ما زالت سيدة الموقف بين القوى والأطر السياسية الوطنية، فكيف لا نصبح آباء سيئين لقضيتنا المركزية إن لم نتدارك المعضلة؟
إن تيّار العنصرية الجارف الذي يسحق أبسط آمالنا بمستقبل كريم، قد تضخّم وتغوّل حتى بات عاريًا لا يميّز الحدود، ولا يحترم المواثيق ولا يقيم وزنًا لمعاهدات خدمت مشروعه وشرعنت احتلاله، وهو يأخذ في طريقه كل وميض بارق أو خافت في أفق الحل السياسي على أرض فلسطين التاريخيّة. الأنكى، أن الاستثناءات في هذا المشهد (ولا تسمى بغير هذا الاسم) هي قوانين وضعتها الصهيونية ونحن لعبنا وفقها.
حينما نشر سلاح الجرائم في مجتمعنا، وأمعن في قمعنا وقوض ركائز الضبط لقيمنا، واستسهل هدم بيوتنا واستباح محرمات عيشنا… فقد كان يضع القوانين ضمن معادلات التفكيك، ويرسم حدود الحلبة التي يريدها هو ثم يقول، على هذا المربّع أديروا معركتكم، ونحن، عن وعي أحيانًا ودون وعي أحايين أخرى، قبلنا بالهامش المرسوم، وأهملنا المعادلة السياسيّة الكبرى التي تقتضي أقصى درجات اللحمة والتكاتف والتنسيق بين جميع الأطر الفاعلة وطنيًا، فصرنا بالكاد نعالج مشتقة العمل السياسي اليومي!
وها هو الآن يستمر بهندسة لعبته القذرة عندما يحاول فرض سلطته القانونية والعسكرية على المستوطنات، تلك المتوغلة في جسوم الفلسطينيين والجاثمة على قلوبهم، ويحاول ضمّها تحت سلطة الحكومة الاسرائيليّة دون الفلسطينيين في حدود 67، في محاولة استباقية لإيهام العالم، فيقول إنه يحتضن الجميع دون الجميع، ها هو يغيّر حدود الأبارتهايد، أما الحقيقة فهي أن رصاص الاحتلال سيصبح أقرب إلى صدور الفلسطينيين.
والعالم، هذا العالم أصبح عاجزًا عن البحث والإدراك، والقضية الفلسطينيّة أصبحت بمثابة موسيقى تصويرية في خلفية المشهد العام، يتوجب أن تبقى مستقرة، ريثما تنتهي الحروب كلها ويلتقي الحبيبان. نحن من لا نلتقي بشعبنا أبدًا سوى على الشاشات أو في حوانيت الباعة، مهمتنا الإبقاء على علاقتنا الغريبة تلك، كي لا يضطرب الاستعماريون ولا تتوتر مصالحهم، وإلا فإن هذا الحقل السياسي الخصب لن يولّد سوى مزيدًا من المتاعب لقضيتنا التي تباع وتُجتر على الملأ كلما زادت أسهم المتنازعين. هذا الاستقرار هو ملاذ الرومانسيين الذين ما زالوا يحاورون اليسار الإسرائيلي المتهالك واعتباره جزءًا من الحل لا المشكلة، ولم يصدموا بعد بنهايتهم التعيسة، حينما أرسلت حكومات يسارية قطعان من الصهاينة ليبنوا مستوطناتهم على جثث الفلسطينيين في القدس والخليل والجولان، كأن التكرار يعلّم أي شيء عدا هؤلاء، وهم ما زالوا يحاورونهم بنفس النبرة ونفس الصوت رغم الضجيج الذي يحدثه تثاقل العنصرية وتزاحم الموت، في حين لا يجد شعبنا من يسمعه أو يأخذ برأيه.
هؤلاء النافرون عن لُب القضية أقسى عليها من أعدائها الحقيقيين! فكيف يعقل أن يفنّد علماء آثار إسرائيليون ويهود الصلة بين جغرافية التوراة وأرض فلسطين، وينبري بعضنا ليتحدث عن الصلة التاريخية لليهود بهذه البلاد!؟
عندما يصبح الاستسلام لثقافة العدو وروايته وجهة نظر، فهي بذلك تقترب لتبدو كـ”الخيانة عن غير قصد”، بل وأكثر... حيث النتيجة الفعلية واحدة!
وهؤلاء المستسلمون هم جزء هام ومركزي من تشتيت أواصر الرؤيا السياسية المشتركة لكل من يشتد عليه تسلّط الاحتلال.
وهؤلاء المستسلمون هم جزء هام ومركزي من تشتيت أواصر الرؤيا السياسية المشتركة لكل من يشتد عليه تسلّط الاحتلال.
البطولة والشرف إذًا هو أن تؤمن أنك قادر على حماية شعبك من الظلم، كل شعبك وكل الظلم، حتى وإن كان شعبك لاجئًا في خيام القامعين، وكان بين الظالمين قيادة متنفذة في قلب رام الله.
الإصرار والانتماء هو أن تقود مصالحة وطنيّة، أن تبادر وتسعى لأجلها، لا أن تنتظر من يطلب مباركتك لها، فبعد 68 عامًا لم تعد صغيرًا على ذلك، هذا أقل ما يستحقه شعبك منك. القوة أن تكرّر ما تريد غير آبه بما يريده الغير. على عدوّك أن يعرف ما تريد فيناقشه مرغمًا، وعلى صديقك أن يعرف ما تريد فيساندك، وعلى شعبك أن يعرف ما تريد ليدرك أنه ليس يتيمًا.
الاعتراف هو أن تتوقف عن المطالبة بالمساواة ورفع الظلم، وحق تقرير المصير والعدالة ورفع الحصار ووقف الموت وتيسير لقمة العيش، طالما تتحفظ عن الحديث عن الحدود التي تفصل بينكم. الصيغة السياسية الوحيدة التي لا تقابل العدالة لجزء من شعبك مقابل ظلم جزء آخر، هو أن تتحدث عن دولة واحدة ومصير واحد لشعب سيكون أقوى في مواجهة الكون المتآمر على سعادته واستقراره منذ الأزل.
الصدق هو أن تتحدث بكل اللغات عن معاناة شعبك ومطالبه، وتتحدّث أكثر بلغة عدوّك عن حق العودة الذي لا تملك أن تساوم عليه، وألّا تقارن نفسك به فأنت متفوقٌ عليه بالحقّ التاريخي.
الصدق هو أن تتحدث بكل اللغات عن معاناة شعبك ومطالبه، وتتحدّث أكثر بلغة عدوّك عن حق العودة الذي لا تملك أن تساوم عليه، وألّا تقارن نفسك به فأنت متفوقٌ عليه بالحقّ التاريخي.
لا تلجأ للحق لأنه بديل، فليكن الحقّ خيارك الأول.
لا تعليقات في " شعبك جذع سنديان وعدوّك هشيم… "